وصف محامو الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، جان ميشيل داروا وكريستوف إنغران، حبسه في سجن «لا سانتيه» بالعاصمة باريس بأنه يوم مأساوي لفرنسا وللقضاء الفرنسي.
وقال داروا أمام الصحافيين في تصريح صحافي حضرته فرنسا بالعربي قرب السجن الباريسي : «إنها وصمة عار لمؤسساتنا، وما نرجوه هو أن تعيد محكمة الاستئناف للعدالة الفرنسية كرامتها التي تستحقها».
من جانبه، أوضح كريستوف إنغران أن طلب الإفراج عن ساركوزي قد قُدّم بالفعل منذ لحظة دخوله السجن، مؤكدًا أن المعايير القانونية التي تبرر احتجازه «لا تنطبق في هذه الحالة».
وقال: «لا يوجد خطر من هروبه أو التأثير على الشهود أو إتلاف الأدلة، وحتى لو لم يبرر أي شيء هذا الاحتجاز، فإنه سيبقى هناك لفترة لا تتجاوز الشهر، على أن تفصل محكمة الاستئناف في طلب الإفراج خلال أسابيع».
وأضاف إنغران: «ساركوزي يواجه هذا الظلم الكبير بقوة، رغم أن السجن يمثل له إهانة حقيقية. مهمتنا الآن هي إخراجه من الاحتجاز في أسرع وقت ممكن».
وبالفعل، مع وصول موكب ساركوزي إلى بوابة سجن «لا سانتيه»، تحولت المنطقة إلى بؤرة اهتمام إعلامي وسياسي، حيث احتشد الصحافيون والفضوليون لمتابعة لحظة دخول الرئيس الأسبق الزنزانة، فيما تولت قوات الأمن تنظيم الحركة وفرض الطوق الأمني.
تأتي هذه التطورات بعد صدور حكم قضائي ضد ساركوزي الشهر الماضي بتهمة التآمر لجمع أموال أجنبية بطريقة غير قانونية خلال حملته الانتخابية لعام 2007، والتي قيل إنها تلقت ملايين اليوروهات نقدًا من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
ورغم الإدانة، برأت المحكمة ساركوزي من تهمة تلقي الأموال شخصيًا أو استخدامها، فيما ظل ينفي جميع الاتهامات واصفًا القضية بأنها انتقام سياسي.
ويعد ساركوزي بذلك أول رئيس فرنسي منذ الحرب العالمية الثانية يُسجن لأسباب قضائية، منذ المارشال فيليب بيتان، وهو الأمر الذي أعاد إلى الأذهان مدى حساسية العلاقة بين السياسة والقضاء في الجمهورية الفرنسية الحديثة.
البرنامج الإعلامي أشار إلى أن محكمة الاستئناف الفرنسية ستنظر في طلب الإفراج خلال الأسابيع المقبلة، مع توقعات بأن يفرج عنه إذا تم القبول، في غضون ثلاثة أسابيع أو شهر.
وفي المقابل، يترقب الشارع الفرنسي والمحللون السياسيون انعكاسات هذه القضية على المشهد السياسي، خاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث يرى بعض المراقبين أن الحكم ضد ساركوزي يمثل اختبارًا جديدًا لنزاهة القضاء الفرنسي، بينما يعتبره آخرون حدثًا قد يعيد ترتيب خريطة القوى في فرنسا.
ومع مرور اليوم الأول له في سجن «لا سانتيه»، يبقى السؤال مطروحًا: هل سيكون الإفراج عن ساركوزي قريبًا، أم أن هذه المرحلة تمثل بداية فصل جديد في تاريخ السياسة الفرنسية، حيث يجتمع القضاء والسلطة في مواجهة رجل لطالما شكّل رمزًا للنفوذ والقوة؟
بين تصريحات المحامين، وصمت السجن، وجدل الشارع، تبدو فرنسا أمام فصل من الدراما القانونية والسياسية لم يشهد له التاريخ المعاصر مثيلًا.