في أولى تصريحاته الكبرى منذ توليه رئاسة الوزراء، أكد سيباستيان لوكورنو، رئيس الحكومة الفرنسية الجديد، في حوار مع صحيفة لا بروفونس ، أنه قرر عدم المضي في مقترح سلفه القاضي بتقليص عدد العطل الرسمية في البلاد، وهو الإجراء الذي كان مطروحاً ضمن حزمة من التدابير التقشفية الرامية إلى تقليص العجز في الميزانية.
لوكورنو شدد على أن المساس بالعطل الرسمية “ليس الحل الأمثل”، معتبراً أن هذه الأيام تحمل قيمة اجتماعية ورمزية للشعب الفرنسي ولا ينبغي التضحية بها تحت ضغط الأرقام. هذا الموقف يعكس رغبته في تجنّب مزيد من التوتر الاجتماعي، خاصة وأن فرنسا شهدت خلال الأشهر الماضية موجات احتجاجية حادة ضد خطط إصلاح المعاشات وخفض الإنفاق العام.
لكن هذه الرسالة الاجتماعية سرعان ما طغت عليها أزمة مالية ذات بعد دولي. فقد خفّضت وكالة التصنيف الائتماني “فيتش” يوم الجمعة تصنيف فرنسا السيادي إلى مستوى A+، وهو أدنى مستوى تسجله البلاد في تاريخها الحديث. خطوة أثارت قلق الأسواق وزادت من الضغوط على الحكومة الجديدة.
وردّ لوكورنو على هذا التطور قائلاً: “نحن ندفع ثمن عدم الاستقرار”، في إشارة إلى الانقسامات السياسية العميقة التي عطلت تمرير الإصلاحات الاقتصادية، وإلى هشاشة الوضع المالي الذي تفاقم بفعل التضخم وارتفاع الإنفاق العام.
هذا القرار من فيتش يأتي في وقت حرج بالنسبة لرئيس الوزراء الجديد، الذي لم يمضِ على تعيينه سوى أيام قليلة خلفاً لغابرييل أتال. لوكورنو يسعى الآن إلى تشكيل حكومته وإعداد موازنة 2026، في وقت يواجه فيه برلماناً منقسماً يعرقل تمرير القوانين ويضعف قدرة السلطة التنفيذية على تطبيق برامجها.
ويرى محللون أن رفض لوكورنو المساس بالعطل الرسمية قد يُكسبه بعض الشعبية، لكنه يضعه أمام معضلة أكبر: كيف يمكن تقليص عجز الميزانية دون إثارة غضب الشارع أو فقدان ثقة المؤسسات المالية الدولية؟ فخفض التصنيف الائتماني يزيد تكلفة الاقتراض على الدولة الفرنسية، ويضيق هامش المناورة أمام الحكومة الجديدة.
وهكذا يجد لوكورنو نفسه في بداية ولايته محاطاً بملفات ملتهبة: أزمة مالية تتطلب حلولاً جذرية، برلمان منقسم يصعّب أي إصلاح، ورأي عام متوتر لا يحتمل المزيد من التنازلات الاجتماعية. وهي معادلة دقيقة قد تحدد مستقبل حكومته وميزان القوى في السياسة الفرنسية خلال السنوات المقبلة.