أعلنت فرنسا اليوم الاثنين، خلال قمة عالمية عُقدت في نيويورك، اعترافها بدولة فلسطينية، لتنضم بذلك إلى حلفاء غربيين مثل بريطانيا وكندا الذين أعلنوا نفس الخطوة أمس الأحد. تأتي هذه الخطوة بعد مرور ما يقرب من عامين على حرب غزة، في محاولة لدعم حل الدولتين وتحريك جهود السلام التي تعثرت منذ عقود.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في افتتاح جلسة القمة المقررة أن تستمر ثلاث ساعات: “يجب أن نمهد الطريق للسلام… تعلن فرنسا اليوم اعترافها بدولة فلسطين”، لتتلقى تصريحاته تصفيقاً واسعاً من الحضور. وأضاف ماكرون: “يجب أن نفعل كل ما في وسعنا للحفاظ على إمكانية حل الدولتين، بحيث يعيش كل من إسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب في سلام وأمن”.
ويأمل القائمون على القمة، التي دعت إليها فرنسا والسعودية، أن تعطي الخطوة دفعة معنوية للشعب الفلسطيني في مساعيه الطويلة لتحقيق الدولة، رغم أن التغيير على الأرض قد يظل محدوداً في ظل استمرار النزاع العنيف مع إسرائيل.
وتشهد إسرائيل، التي يقودها حالياً أكثر حكومة يمينية متشددة في تاريخها، رفضاً قاطعاً لأي دولة فلسطينية، فيما تواصل عملياتها العسكرية ضد حركة حماس في غزة بعد الهجوم الكبير الذي وقع في 7 أكتوبر 2023 وأسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص. وقد أدى التصعيد الإسرائيلي إلى عزلتها دولياً واستنكار واسع بسبب حجم الخسائر البشرية في غزة، التي تجاوزت 65 ألف قتيل حسب السلطات الصحية المحلية، فيما بدأت إسرائيل مؤخراً هجومها البري الموعود على مدينة غزة دون توقعات بوقف لإطلاق النار في المستقبل القريب.
وبجانب فرنسا وبريطانيا وكندا، من المتوقع أن تعلن أندورا وبلجيكا ولوكسمبورغ وسان مارينو اعترافها بالدولة الفلسطينية خلال اليوم، بينما أعلنت مالطا ذلك في وقت سابق من صباح اليوم الاثنين، قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع.
من جانبها، حذرت إسرائيل من أن هذه التحركات قد تقوض فرص التوصل إلى نهاية سلمية للنزاع في غزة، مؤكدة أن مسائل الدولة الفلسطينية كان من المفترض التفاوض بشأنها مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين في المستقبل. وقال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون إن بلاده ستدرس اتخاذ الإجراءات المناسبة بعد عودة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إسرائيل الأسبوع المقبل.
وتعكس هذه الخطوة شعوراً متزايداً بالاستعجال لدى بعض الدول قبل أن يتلاشى مفهوم حل الدولتين بشكل كامل، خاصة في ظل الهجوم العسكري المكثف الذي تشنه إسرائيل وتصعيد العنف في الضفة الغربية.
ورغم أن اعتراف فرنسا يضعها في مقدمة حركة دولية كانت حتى الآن تهيمن عليها دول صغيرة أكثر انتقاداً لإسرائيل، فإن أي اعتراف بالدولة الفلسطينية لا يضمن عضوية كاملة في الأمم المتحدة، حيث يحتاج الأمر إلى موافقة مجلس الأمن الذي يتمتع فيه الولايات المتحدة بحق النقض.
التباين الأوروبي وردود الفعل الإسرائيلية
بينما أعلن أغلب الدول الأوروبية اعترافها بالدولة الفلسطينية، أبدت كل من ألمانيا وإيطاليا موقفاً متحفظاً، حيث ترى ألمانيا أن الاعتراف يجب أن يأتي بعد اتفاق سياسي حول حل الدولتين، بينما اعتبرت إيطاليا أن الخطوة قد تكون “غير مجدية”.
على الأرض، رفض نتنياهو أي دعوات لإنهاء الحملة العسكرية قبل القضاء على حماس، وأكد أنه لن يعترف بأي دولة فلسطينية. كما يُدرس في إسرائيل اتخاذ خطوات انتقامية محتملة ضد فرنسا وغيرها من الدول التي أعلنت الاعتراف، بما في ذلك إجراءات ثنائية محددة، رغم أن هذه التحركات قد تظل رمزية إلى حد كبير.
وتأتي هذه التطورات في وقت حساس بالنسبة لدولة الإمارات، التي اعتبرت أن أي إجراءات ضد إسرائيل قد تقوض روح اتفاقات أبراهام، في ظل تحذيرات أمريكية من إمكانية تبعات سلبية على الدول التي تتحرك ضد إسرائيل، بما في ذلك فرنسا.