كشفت مصادر فرنسية رسمية متطابقة عن رغبة المغرب في اقتناء غواصات هجومية من طراز سكوربين الفرنسية، بعدد يتراوح بين غواصتين وثلاث.
و قالت المصادر في وزارة الدفاع الفرنسية في باريس ل”فرنسا بالعربي” إن هذه الصفقة المحتملة، في حال أتممت و أعلنت رسمياً، ستُدخل القوات البحرية الملكية إلى عالم جديد من القدرات القتالية تحت السطح، وتُعيد رسم موازين القوى في غرب البحر الأبيض المتوسط.
أكثر من 3500 كيلومتر من السواحل تحت الحاجة إلى حماية
يمتد الشريط الساحلي المغربي لأكثر من 3500 كيلومتر على الواجهة الأطلسية والمتوسطية، ما يضع المملكة أمام تحديات جسيمة في حماية مياهها الإقليمية، وتأمين ثرواتها البحرية، وضمان مراقبة أهم الممرات البحرية العالمية عند مضيق جبل طارق.
وفي ظل تنامي المنافسة العسكرية في المنطقة، يرى مختصون أن امتلاك الرباط الغواصات أصبح ضرورة عاجلة، لتعزيز الردع البحري وحماية السيادة الوطنية.
ميزان القوى : الجزائر بست غواصات وإسبانيا بقدرات محدودة
الجزائر: تمتلك أسطولاً يضم نحو ست غواصات روسية من فئة كيلو، رغم أن بعضها قديم، إلا أنها تمنح الجزائر قوة ردع معتبرة في المتوسط.
إسبانيا: لا تزال قدراتها محدودة بعد تعثر برنامج الغواصات إس ثمانين ، حيث تعتمد على غواصة واحدة قديمة من فئة أغوستا في انتظار دخول الغواصات الجديدة للخدمة.
في المقابل، كان المغرب يفتقر إلى هذا النوع من السلاح البحري الاستراتيجي. اقتناء غواصات سكوربين سيُمكّنه لأول مرة من سد هذه الثغرة، وتأسيس تفوق نوعي يوازي، وربما يتفوق، على قدرات جيرانه.
لماذا سكوربين ؟
الغواصة الفرنسية سكوربين، التي طورتها مجموعة نافال غروب، تُعد من أنجح الطرازات المصدَّرة عالمياً، إذ دخلت الخدمة في أساطيل البرازيل وتشيلي والهند وماليزيا.
وتتميز بقدرات عصرية تشمل :
• منظومة دفع متطورة مع إمكانية إضافة نظام الدفع المستقل أو بطاريات ليثيوم.
• بصمة صوتية منخفضة تجعلها صعبة الرصد.
• تسليح متنوع يشمل الطوربيدات والصواريخ المضادة للسفن.
إضافة إلى ذلك، تعرض الشركة الفرنسية في عقودها آليات نقل للتكنولوجيا والتصنيع المشترك، ما يجعل الصفقة جذابة للمغرب الذي يسعى لتطوير قاعدة صناعات دفاعية محلية.
ثمن باهظ… لكنه استثمار طويل الأمد
تقديرات غير رسمية تشير إلى أن ثمن الغواصة الواحدة قد يبلغ مليار دولار تقريباً، في حال تضمّن العقد حزم التدريب، والدعم الفني، ونقل التكنولوجيا.
وعلى الرغم من ضخامة الكلفة، يعتبر متخصصون أن هذه الخطوة تشكل استثماراً استراتيجياً بعيد المدى، يمنح المغرب قدرات بحرية متقدمة تمتد لعقود.
انعكاسات إقليمية
التحرك المغربي، حتى في مستوى الأخبار والتسريبات، أحدث صدى إقليمياً ملحوظاً. فالغواصات ليست مجرد سلاح تقليدي، بل ورقة ردع سياسي وعسكري بامتياز. دخولها الخدمة سيمنح المغرب قدرة على مراقبة أعماق المتوسط والأطلسي، وتوجيه رسائل واضحة لجيرانه مفادها أن ميزان القوى البحري في المنطقة لم يعد كما كان.
رغم أن الصفقة لا تزال في إطار الأحاديث غير المعلنة، إلا أن المؤشرات توحي بأن المغرب على أعتاب قفزة نوعية في قدراته البحرية.
وإذا ما تحقق هذا المشروع، فإن المملكة ستفتح صفحة جديدة من تاريخ قواتها المسلحة الملكية، لتصبح لاعباً أساسياً في معادلات الأمن البحري الإقليمي، ومنافساً قوياً لجيرانه في سباق السيطرة على أعماق المتوسط