عاد متحف اللوفر، رمز الفن العالمي وقلب باريس النابض بالتاريخ، لاستقبال زوّاره صباح اليوم الأربعاء بعد ثلاثة أيام فقط على السرقة الجريئة التي سُرقت خلالها مجوهرات ملكية تقدر قيمتها بـ 88 مليون يورو، في عملية أشبه بمشاهد أفلام هوليوود.
لكن مع عودة الحياة إلى ردهات المتحف الشهير، لم تخلُ الطوابير الطويلة أمام الهرم الزجاجي من القلق والتساؤلات… هل ما زال متحف اللوفر آمنًا حقًا؟
وسط صفوف الزوار، وقفت جيرالدين سكينر، وهي مدرسة فرنسية تبلغ من العمر 54 عامًا، بجانب صديقتها البريطانية أماندا راينز، لتقول بابتسامة متوترة:
«أشعر بالارتياح لأننا تمكنا أخيرًا من الدخول… سنزور الموناليزا، ولكن لا أخفي أن ما حدث صادم! كيف يمكن أن تتم سرقة بهذا الحجم في قلب باريس؟»
زميلتها أماندا تضيف بدهشة:
«أظن أنه لأمر مذهل أن نرى المتحف مفتوحًا مجددًا بهذه السرعة، لكن لا بد أنهم أغلقوا بعض القاعات… نأمل أن نتمكن من رؤية معظم الأعمال».
غير بعيد، أبدت الزائرة البيروفية فلور إسبينوزا، وهي ممرضة تبلغ من العمر 39 عامًا، خيبة أملها قائلة بالإسبانية:
«كنا نحلم بزيارة اللوفر منذ سنوات. ألغيت تذاكرنا بسبب السرقة، وهذا مؤسف للجميع. إنه خسارة للسياحة وللصورة الجميلة لفرنسا».
وفيما تتدافع الحشود للدخول، لا تزال آثار الجريمة واضحة على النوافذ المحطمة في الطابق الثاني، حيث تسلل اللصوص مستخدمين رافعة نقل مسروقة ليهربوا بحليّ ملكية تعود إلى أوائل القرن التاسع عشر، بينها تاج وأقراط للملكة ماري أميلي والملكة هورتنس، فيما عُثر لاحقًا على تاج الإمبراطورة أوجيني خارج المتحف بعدما سقط خلال الهروب.
الفرنسية لوسي جينيست (24 عامًا)، التي تعمل في مجال الاتصالات، عبّرت عن ارتباكها قائلة:
«كنا خائفين من إلغاء الزيارة بعدما سمعنا بخبر السرقة. لا نفهم كيف يمكن اختراق مكان بهذه الحراسة العالية. كيف حدث هذا ببساطة؟»
وفيما شكك كثيرون في فعالية أنظمة الحماية، كان بعض السياح يرون في الحادث عامل جذب جديد.
الكندي أنتوني كابواسا، البالغ 33 عامًا، قال مبتسمًا:
«نحن عادة لسنا من عشاق المتاحف، لكن معرفة أن سرقة مذهلة حدثت هنا زادت فضولنا. صار المكان أكثر إثارة من أي وقت مضى».
أما البيروفي بنجامين كاربخال (38 عامًا) فقال بلغة هادئة:
«ما حدث خطير للغاية، لكننا نعرف أن الإدارة اتخذت الإجراءات اللازمة. قالوا إنهم سيعيدون ثمن التذاكر، ولا يمكننا إلا الانتظار».
وتشير التحقيقات الأولية إلى أن عملية السرقة نُفذت فجر الأحد الماضي بدقة احترافية لافتة، في حين يواصل الشرطة الفرنسية تمشيط المنطقة وجمع الأدلة، بمساعدة فرق أمن خاصة وكلاب مدرّبة شوهدت اليوم عند موقع النوافذ المكسورة.
ومع أن اللوفر استعاد نبضه مؤقتًا، فإن الأسئلة ما تزال مفتوحة على مصراعيها:
من يقف وراء السرقة؟ كيف تمكنوا من تجاوز أنظمة الحراسة المعقدة؟ وهل كانت القطع مؤمّنة فعلاً أم أن دافعي الضرائب الفرنسيين سيدفعون الثمن في النهاية؟
الزائرة جيرالدين سكينر لخصت شعور الكثيرين قائلة:
«الصدمة ليست فقط في السرقة، بل في سهولتها… كيف يمكن سرقة مجوهرات بهذا الحجم من متحف بهذه المكانة؟ إنه أمر مخزٍ».
وفيما تلمع الأضواء مجددًا على هرم اللوفر الشهير، يظلّ الهمس يدور بين الزوار:
الفن باقٍ، لكن الثقة في أمن المتاحف الفرنسية باتت بحاجة إلى ترميم.