في صباح الاثنين 6 أكتوبر، شهدت الساحة السياسية الفرنسية حدثًا غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الخامسة، حيث قدّم رئيس الحكومة سيباستيان لوكرنو استقالته إلى الرئيس إيمانويل ماكرون بعد ساعات قليلة فقط من إعلان تشكيل حكومته الجديدة. خطوة مفاجئة قلبت موازين القوى السياسية، وأشعلت جدلًا واسعًا في أوساط البرلمان والشارع والإعلام الدولي.
⚡ صدمة المفاجأة
كانت العاصمة الفرنسية تستيقظ على مشهد روتيني، مع وزراء جدد يبتسمون أمام الكاميرات، يستعدون لتسلم مناصبهم، غير مدركين أن ساعاتهم الأولى في الحكومة لن تتحقق أبدًا. فقبل أن يضع أي منهم يده على مفاتيح وزارته، خرج لوكرنو ليعلن عن استقالة حكومته، مشيرًا في تصريحاته الأولى إلى أن التشكيلة لم تستطع ضمان أغلبية مستقرة في البرلمان، وأن استمرار الحكومة في هذه الظروف كان مستحيلًا سياسيًا وعمليًا.
وقال لوكرنو:
“لقد حاولنا تشكيل حكومة قادرة على مواجهة تحديات البلاد، لكن الواقع السياسي داخل البرلمان يفرض قيودًا لم نتمكن من تجاوزها. لم يكن أمامي سوى تقديم الاستقالة لتفادي أزمة أكبر.”
🏛️ ردود الفعل السياسية
استقالة لوكرنو لم تكن مجرد خبر عابر، بل أثارت موجة صدمة سياسية داخل البرلمان:
- حزب الجمهوريين، أحد الأحزاب المشاركة في الأغلبية، أعرب عن انتقاداته لتشكيلة الحكومة، مبررًا موقفه بأن الحكومة لم تحقق أي تجديد في الوجوه أو السياسات.
- حزب التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان صعّد من خطابه، مطالبًا بـ حلّ الجمعية الوطنية أو استقالة الرئيس، معتبرًا أن ما يحدث دليل على ضعف النظام السياسي.
- في المقابل، حزب فرنسا المتمردة دعا إلى مسار دستوري لإسقاط الرئيس، معتبرًا أن الأزمة الحالية ليست أزمة حكومة فحسب، بل أزمة ثقة بين الشعب والنخبة السياسية.
وأشارت الصحافة الدولية إلى هذه الأزمة بـ الدهشة والاستغراب، معتبرة أن فرنسا تعيش لحظة سياسية استثنائية لم تشهدها منذ عقود، وأن الفجوة بين النخبة والشعب قد تتسع في ظل هذا الوضع.
⚠️ تبعات الاستقالة على المشهد السياسي
مع استقالة لوكرنو، تواجه فرنسا اليوم فراغًا حكوميًا كاملًا، وسط برلمان منقسم وتجاذبات عميقة بين الأحزاب، وهو ما يجعل السيناريوهات المستقبلية محفوفة بالمخاطر:
- تشكيل حكومة جديدة: قد يسعى الرئيس ماكرون لتشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة “كفاءات”، لكنها ستكون ضعيفة سياسيًا، بلا قاعدة دعم برلماني حقيقية، ما يجعلها معرضة للسقوط في أول اختبار ثقة.
- حلّ البرلمان والانتخابات المبكرة: هذا الخيار يمثل مقامرة كبيرة، إذ تظهر استطلاعات الرأي تقدمًا واضحًا لحزب مارين لوبان، ما قد يؤدي إلى صعود غير مسبوق للتيار اليميني المتطرف إلى السلطة.
- استمرار حالة الارتباك السياسي: إذا استمر الجمود، فقد تدخل فرنسا في مرحلة انسداد طويل الأمد، مع تفاقم الأزمة بين الشعب والنخبة السياسية، وهو ما يهدد ثقة المواطنين في المؤسسات الجمهورية.
🌐 الشارع الفرنسي في قلب الأزمة
على الأرض، يعكس الشارع الفرنسي مزيجًا من الدهشة والغضب والسخرية. المواطنون يتهامسون في المقاهي والأسواق عن مستقبل البلاد، ويتساءلون كيف يمكن أن تنهار حكومة قبل أن تبدأ فعليًا. البعض يضحك من المفارقة، بينما يشعر آخرون بالقلق من تداعيات هذا الفراغ السياسي على حياتهم اليومية.
📌 خلاصة المشهد
فرنسا اليوم تواجه أزمة غير مسبوقة: ليست أزمة أشخاص، بل أزمة نظام سياسي تقليدي عاجز عن تأمين أغلبية مستقرة في برلمان منقسم، وأمام واقع سياسي جديد يفرض قواعد لعبة لم يعد يعرف كيف يتعامل معها.
المشهد السياسي، مع كل تصريح وكل موقف، يثبت أن فرنسا أمام مفترق طرق خطير: إما تفاهم سياسي عميق بين الأحزاب لتجاوز الحسابات الضيقة، أو دخول مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي الطويل، مع ما يترتب على ذلك من مخاطر داخلية وخارجية
