⚡ حصيلة فرنسا في أسبوع: صراع سياسي، احتجاجات غاضبة، وانتصارات رياضية

⚡ حصيلة فرنسا في أسبوع: صراع سياسي، احتجاجات غاضبة، وانتصارات رياضية

سبعة أيام فقط… لكنها كانت كفيلة بأن تُعيد فرنسا إلى صدارة المشهد الأوروبي، ما بين أزمات اقتصادية تتفاقم، واحتجاجات تشتعل، وانتصارات رياضية تُنعش القلوب، وفعاليات ثقافية تُعيد البريق إلى شوارع باريس.
إنه أسبوع فرنسي بامتياز، صاخب كنبض العاصمة، متقلب كطقس الخريف، ومليء بالتناقضات كما اعتادت فرنسا أن تكون دائمًا: بلدًا يغضب ويُبدع، يحتجّ ويحتفل، ويعيش الحياة بكل توترها وجمالها.


⚖️ الاقتصاد أولًا… والجدل لا يهدأ

الجدل الكبير بدأ من الأعلى، من أروقة السياسة والاقتصاد في بروكسل وباريس معًا، حين خرجت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، بتصريحات حادة حذّرت فيها من “تباطؤ النمو في منطقة اليورو” وطالبت الحكومات — وفي مقدمتها فرنسا — بـ“ضبط الإنفاق والالتزام بالانضباط المالي”.
لكن كلمات لاغارد كانت كشرارة في برميل من الوقود السياسي؛ فقد تحولت في باريس إلى سجفرنسا في أسبوعالٍ بين الحكومة والمعارضة، بين من يرى أن “الإصلاحات ضرورة مؤلمة”، ومن يردّ بأن “سياسة التقشف تقتل القدرة الشرائية وتخنق الطبقة الوسطى”.

داخل الجمعية الوطنية، احتدم النقاش حول ميزانية 2026، ومعه ارتفعت نبرة الغضب الشعبي. الشارع الفرنسي، المتعب أصلًا من ارتفاع الأسعار والضرائب، وجد نفسه أمام مشهد جديد من التوتر الاقتصادي الذي يهدد الحياة اليومية للمواطنين.


عمال الكهرباء… يشعلون فتيل الغضب

الشرارة الثانية لم تتأخر.
من محطات الطاقة خرج الغضب هذه المرة، حيث أعلن عمال شركة الكهرباء EDF إضرابًا جزئيًا شلّ بعض محطات التوزيع، وأربك الحكومة في لحظة سياسية حساسة.
العمال رفعوا شعارهم الصريح: «لن ندفع ثمن الأزمة»، متهمين الدولة بأنها “تضع ميزانيتها على أكتاف من يشغّلونها”.
الاحتجاجات امتدت إلى المدن الكبرى، وتحوّل التيار الكهربائي إلى رمزٍ للغضب الاجتماعي. فحين يهدأ الضوء في فرنسا، يعرف الجميع أن وراء الظلام رسالة… رسالة تقول: “الشعب لم يعد يحتمل”.

السلطات حاولت التهدئة، لكن النقابات وعدت بأن “هذا مجرد إنذار، وليس الإضراب الأخير”. في بلدٍ يختزن تاريخًا طويلًا من الحركات الاجتماعية، يبدو أن الشارع بدأ مجددًا يُذكّر السلطة بقوّته القديمة.


الملعب يتنفس الفرح… ولو مؤقتًا

لكن وسط هذا الزحام من الأزمات، كان للكرة الفرنسية كلمتها.
في مباراة حماسية ضمن تصفيات كأس العالم، حقق المنتخب الفرنسي فوزًا كبيرًا بثلاثية نظيفة، أعادت الثقة للجماهير وأشعلت المدرجات بالفرح.
في تلك الليلة، بدا أن فرنسا بأكملها تنسى السياسة والاقتصاد، وتتوحّد تحت علمٍ واحد وهتافٍ واحد: «Allez les Bleus!»
انتصارٌ رياضيٌّ عابر، لكنه كان كافيًا ليُذكّر الفرنسيين بأن الفرح ممكن، حتى في زمن الغضب.
الملعب تحوّل إلى ساحة وطنية مصغّرة، فيها الغني والفقير، العامل والوزير، جميعهم يهتفون للونٍ واحد هو لون الديوك الزرقاء.


🎭 الثقافة… النبض الذي لا ينطفئ

وبينما يشتعل الشارع بالاحتجاجات، كانت باريس تشتعل بنورٍ من نوعٍ آخر.
مهرجانات الخريف الثقافية أعادت الأمل إلى المدينة التي لا تنام: معارض فنون تشكيلية، عروض مسرحية، حفلات موسيقية، وأمسيات شعرية امتزج فيها الفرنسيون والسياح في احتفالٍ بالجمال.
في قاعات الأوبرا، جلس الحضور مأخوذين بسحر الموسيقى، وكأنهم يهربون للحظات من ضجيج السياسة.
وفي شوارع مونمارتر وسان جيرمان، تزيّنت المقاهي بالأحاديث الفنية بدل النقاشات الاقتصادية، وكأن باريس تقول من جديد: «الفنّ هو مقاومتي الأجمل».

الثقافة في فرنسا ليست ترفًا، بل مقاومة ناعمة في وجه كل ما يُظلم الروح.
إنها الطريقة الفرنسية القديمة في مواجهة الأزمات: بالفكر، واللون، والأنغام.


🇫🇷 خاتمة: فرنسا التي لا تموت

وهكذا مرّ أسبوع فرنسا بين الاحتجاج والاحتفال، الغضب والأمل، السياسة والفن.
من قبة البرلمان إلى محطات الكهرباء، من مدرجات الملاعب إلى مسارح باريس، كانت الجمهورية الخامسة تنبض بالحياة — صاخبة، متعبة، لكنها لا تستسلم أبدًا.

فرنسا هذا الأسبوع ليست مجرد دولة تمرّ بأحداث، بل مشهدٌ إنسانيّ كامل:
أصواتٌ ترتفع مطالبةً بالعدالة، وأخرى تغنّي للحياة، ووسط كل ذلك… تبقى باريس كما كانت دائمًا، مدينة الضوء التي لا تنطفئ حتى حين ينقطع التيار.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

أشرف حكيمي بعد الإصابة : “السقوط جزء من الطريق…النهوض يصنع الفارق”

كان أول رد فعل للنجم المغربي أشرف حكيمي