باريس – خاص بـ فرنسا بالعربي
تعيش العاصمة الفرنسية باريس منذ مساء الأربعاء على وقع ارتباك سياسي غير مسبوق، بينما تتسارع الاتصالات داخل قصر الإليزيه بحثًا عن مخرج للأزمة التي تعصف بالسلطة التنفيذية بعد استقالة رئيس الوزراء سِبَستيان لوكورنو.
مصادر مطلعة داخل أروقة القرار أكدت ل”فرنسا بالعربي” أن الرئيس إيمانويل ماكرون أمام مهلة لا تتجاوز 48 ساعة لاختيار رئيس حكومة جديد قادر على كسر الجمود البرلماني واحتواء الغضب الشعبي الذي يتصاعد مع كل يوم تأخير.
⚡️ “طريق ممكن بعد”… لوكورنو يفتح الباب ويغادر المسرح
في مقابلة تلفزيونية لافتة على قناة فرانس 2، قال لوكورنو بعباراتٍ بدت وكأنها وصية سياسية أخيرة:
💬 “هناك طريق ممكن بعد… ما زال بالإمكان إنقاذ التوازن داخل الجمعية الوطنية”.
لكنه في الوقت ذاته حسم موقعه من المرحلة المقبلة قائلًا:
💬 “مهمتي انتهت، لا أسعى إلى المنصب، وسأظل جنديًا في خدمة الدولة.”
تلك الكلمات – بحسب مصادر في الإليزيه – لم تمر مرور الكرام، إذ اعتبرها بعض المقربين من ماكرون “طعنة ناعمة”، فيما رأى فيها آخرون “خروجًا مشرّفًا لرجلٍ حاول المستحيل”.
🧩 ثلاثة سيناريوهات على طاولة ماكرون
وفق معلومات حصلت عليها فرنسا بالعربي من مستشار حكومي، فإن ماكرون يناقش مع دائرته الضيقة ثلاث خيارات محورية لتعيين رئيس الحكومة الجديد:
1️⃣ الخيار الأول – رئيس وزراء من القطيعة: تعيين شخصية من اليسار أو من المعارضة الاشتراكية لتهدئة الأجواء وإظهار انفتاح رئاسي مفاجئ. هذا السيناريو يحظى بدعم بعض مستشاري ماكرون الذين يرون فيه “مغامرة محسوبة” قد تعيد الثقة المفقودة.
2️⃣ الخيار الثاني – حكومة تقنية مؤقتة: يقودها خبير اقتصادي أو إداري بعيد عن الصراعات الحزبية، تكون مهمتها الوحيدة تمرير ميزانية 2026 وتفادي الشلل الدستوري.
3️⃣ الخيار الثالث – استعادة التوازن الداخلي: تعيين شخصية من معسكر ماكرون قادرة على توسيع التحالفات البرلمانية. وهنا يبرز اسم برونو لوجان وكاثرين فوتران ضمن المرشحين الأوفر حظًا.
مصادر أخرى أكدت أن ماكرون “لم يغلق الباب” أمام خيار إعادة تكليف لوكورنو نفسه، رغم إصرار الأخير على أنه لن يعود.
📉 برلمان ممزق… وتحالفات تنهار
لوكورنو لم يتردد في توصيف الوضع بدقة:
💬 “البرلمان مفكك، وكل طرف يتمترس خلف مصالحه. لكن الفرنسيين يطالبوننا أن نتحرك، لا أن نتقاتل.”
أوساط سياسية في باريس تقول إن الرئيس ماكرون يدرك أن أي تأخير إضافي في تعيين رئيس الوزراء الجديد سيزيد الضغط عليه، خاصة في ظل تصاعد الأصوات داخل المعارضة المطالِبة بحلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة.
وتشير المعطيات إلى أن بعض الكتل الوسطية، مثل حزب “آفاق” بزعامة إدوار فيليب، تلوّح بالانسحاب من التحالف الداعم لماكرون إذا لم يُقدَّم “حلّ واقعي” قبل نهاية الأسبوع.
💶 الميزانية… لُغْم السياسة الفرنسية
الوقت يداهم الحكومة المنتهية الصلاحيات. فمشروع موازنة 2026 يجب تقديمه رسميًا يوم الإثنين المقبل.
لوكورنو حذر من أن “غياب الموازنة قبل 31 ديسمبر سيكون مأساة مالية لفرنسا”، مشيرًا إلى أن جميع الأحزاب – رغم خلافاتها – تدرك حجم المخاطر الاقتصادية إذا تعطّل التصويت على الميزانية.
وقال بلهجة واثقة:
💬 “قد لا تكون الموازنة مثالية، لكنها ضرورية. فرنسا تحتاج إلى برلمانٍ عاقل، لا إلى برلمانٍ مشتعل.”
لكن خلف هذه العبارات الهادئة، يخشى الخبراء من انزلاق فرنسا نحو أزمة دستورية حقيقية، خصوصًا إذا رفض البرلمان تمرير المشروع.
💥 تصدّع داخل المعسكر الرئاسي
تصريحات لوكورنو حملت أيضًا نبرة عتاب واضحة لرفاقه في الغالبية الرئاسية، ملمّحًا إلى أن “بعض القادة فضّلوا الطموحات الشخصية على المصلحة الوطنية”.
تصريحه هذا اعتُبر رسالة مباشرة إلى برونو روتايو، الذي يُتهم بأنه أفشل المفاوضات الحكومية الأخيرة بتغريدة غاضبة بعد ساعة من إعلان التشكيلة الحكومية السابقة.
وقال لوكورنو في المقابلة:
💬 “في الخفاء، الجميع يريد المضي قدمًا، لكن القواعد الحزبية تضغط نحو المواجهة. هذا ما يجعل التوافق شبه مستحيل.”
🧨 “جرح ديمقراطي”… والملف الاجتماعي يعود للواجهة
في محور آخر، تناول لوكورنو أزمة نظام التقاعد التي هزّت الشارع الفرنسي العام الماضي، معتبرًا أنها “جرح ديمقراطي لم يلتئم بعد”، لكنه رفض فكرة تجميد الإصلاح، موضحًا أن ذلك سيكلف خزينة الدولة ما لا يقل عن ثلاثة مليارات يورو بحلول 2027.
💬 “يظن البعض أن الإصلاح فُرض دون نقاش، لكن الحقيقة أن النقاش حصل… المشكلة أن الناس فقدوا الثقة في الطريقة لا في المضمون.”
⚔️ كلمة الوداع: “ليس الوقت لتغيير الرئيس”
في ختام ظهوره الإعلامي الأخير، أطلق لوكورنو عبارة وُصفت بأنها “درع سياسية” لحماية الرئيس ماكرون وسط العاصفة:
💬 “كوزيرٍ للدفاع، أؤكد أن هذا ليس وقت تغيير الرئيس. نحن في خضمّ عاصفة سياسية وأمنية، والاستقرار أهم من الحسابات الانتخابية.”
عبارته تلك أثارت موجة تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، بين من رأى فيها ولاءً مطلقًا للرئيس، ومن اعتبرها محاولة لتهيئة الأرضية لعودته في وقت لاحق.
📍 فرنسا على مفترق طرق
الأنظار الآن موجّهة إلى قصر الإليزيه، حيث يجتمع الرئيس ماكرون مع مستشاريه لوضع اللمسات الأخيرة على القرار المنتظر.
هل يغامر الرئيس بخيارٍ جريء يبدّل المشهد السياسي الفرنسي؟
أم يكتفي بحكومة انتقالية تُنقذ البلاد من الانهيار؟
الجواب – كما تقول مصادر “فرنسا بالعربي” – سيُعرف خلال الساعات الـ48 المقبلة، وربما يُغيّر وجه فرنسا لعقدٍ كاملٍ قادم. 🇫🇷💥