وسط أجواء من الترقب والضغط السياسي، شهد قصر الإليزيه اليوم وصول قادة الأحزاب الفرنسية إلى مقر الرئاسة في مشهد يشي بتحديات حادة أمام الرئيس إيمانويل ماكرون، مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده بنفسه لتسمية رئيس الوزراء الجديد.
في هذا اليوم الحاسم، توزعت الشخصيات السياسية على طيف البرلمان الفرنسي، من اليسار إلى اليمين والوسط، في محاولة للعب دور فاصل في اختيار الشخصية التي ستقود الحكومة القادمة وتواجه تحديات الميزانية لعام 2026 في ظل برلمان منقسم ومتشظي.
وصل قادة اليسار، بمن فيهم زعيمة حزب الخضر مارين توندلييه، وزعيم الحزب الشيوعي فابيان روسيل، وأمين الحزب الاشتراكي أوليفييه فور، إضافة إلى قادة مجموعات اليسار المختلفة، حاملين رسائلهم ومطالبهم، في حين وصل قادة اليمين مثل لوران ووكويز من الجمهوريين وإدوار فيليب من حزب هورايزونز.
كما حضر الوسط السياسي ممثلًا في جابرييل أتال الأمين العام لحزب النهضة ومارك فينو زعيم مجموعة الديمقراطيين في البرلمان، ما يعكس حجم المفاوضات المعقدة بين الأجنحة السياسية المتعددة.
في المقابل، بقيت الأجنحة الأكثر تطرفًا خارج المشهد: لم يُدعَ حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، ولا حزب فرنسا غير خاضعة اليساري المتشدد، ما يوضح محاولة ماكرون التركيز على القوى التقليدية للبرلمان لتسهيل الوصول إلى حل وسط.
وفي لفتة مثيرة، أعلن زعيم فرنسا غير خاضعة، جان لوك ميلانشون، أمام الصحفيين عند مغادرته قصر الإليزيه:
“يجب أن يرحل إيمانويل ماكرون حتى يتحرر الشعب والبلاد من العقبة التي يمثلها على كرامتهم. هذه رسالتنا قبل أن يتخذ قراره، على أمل التأثير فيه.”
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الفرنسي، البالغ من العمر 47 عامًا، يبحث عن رئيس وزراء سادس خلال أقل من عامين، ويحتاج إلى شخصية تحظى بقبول طيف واسع من الوسط اليساري إلى الوسط اليميني، لضمان تمرير الميزانية والتوافق السياسي في البرلمان المتفرق.
وقد وصف مكتب الإليزيه هذه المشاورات بأنها “لحظة مسؤولية جماعية”، وهو ما فسّره المحللون السياسيون على أنه تحذير ضمني من إمكانية اللجوء إلى انتخابات برلمانية مبكرة إذا فشل التوصل إلى توافق حول المرشح المناسب.
مع اقتراب الموعد النهائي المحدد من الرئيس، الساعة 48 ساعة لإعلان رئيس الوزراء الجديد، تتجه الأنظار إلى ماكرون وسط توقعات بأن يكون اختياره حاسمًا لمسار السياسة الفرنسية في الأشهر القادمة، وسط تحديات اقتصادية متصاعدة وتحذيرات من البنك المركزي حول تأثير عدم الاستقرار السياسي على نمو الاقتصاد الوطني.
الشارع الفرنسي والعالم يترقبان: هل سيختار ماكرون رئيسًا وزراء قادرًا على جمع الأطراف المختلفة، أم أن فرنسا ستدخل فصلًا جديدًا من الصراعات السياسية؟