هدية أم تهرّب ضريبي ؟ القضاء الفرنسي يحقق مع والدة عثمان دمبيلي بعد تحويل بـ200 ألف يورو

هدية أم تهرّب ضريبي ؟ القضاء الفرنسي يحقق مع والدة عثمان دمبيلي بعد تحويل بـ200 ألف يورو

- ‎فيرياضة, قضاء و تحقيقات
230
0
@فرنسا بالعربي
الضرائب الفرنسية تلاحق والدة دمبيلي: “ليست هدية... إنها صفقة مالية مقنّعةالضرائب الفرنسية تلاحق والدة دمبيلي: “ليست هدية... إنها صفقة مالية مقنّعة

في واحدة من أكثر القضايا غرابة التي تجمع بين كرة القدم والضرائب، وجدت فاطيماتا دمبيلي، والدة نجم المنتخب الفرنسي ونادي باريس سان جيرمان عثمان دمبيلي، نفسها أمام المحكمة الإدارية في مدينة رين، تطالب بإلغاء ضريبة أثارت الجدل منذ سنوات.

القضية  تدور حول تحويل مالي ضخم بقيمة 200 ألف يورو أرسله ابنها إليها عام 2017، وتعتبره السلطات الضريبية الفرنسية دخلاً خاضعًا للضريبة، بينما تؤكد الأم أنه مجرد هدية عائلية بمناسبة عيد ميلادها الأربعين.

فاطيماتا دمبيلي، التي قدمت طعنًا رسميًا ضد ما وصفته بـ«الظلم المالي»، تطالب بإلغاء ما يسمى «المساهمة الاستثنائية على الدخل المرتفع» و«الضريبة الإضافية على الدخل»، اللتين فرضتهما الإدارة الضريبية بعد مراجعة التحويل البنكي المثير للجدل.

وتقول في دفاعها إن التحويل كان تعبيرًا عن محبة ابنٍ ناجحٍ لوالدته التي وقفت إلى جانبه منذ بداياته، وليس صفقة مالية أو مكافأة عمل.

لكن إدارة الضرائب الفرنسية لم تقتنع بهذه الرواية. فقد اعتبرت أن المبلغ «لا يمكن أن يندرج ضمن الهدايا العائلية التقليدية أو ما يعرف بـ présent d’usage»، وهو المصطلح القانوني المستخدم للهدايا ذات القيمة الرمزية. المسؤولون الماليون وصفوا التحويل بأنه “فلكي وغير متناسب مع المناسبة”، خصوصًا أن فاطيماتا كانت في تلك الفترة موظفة بعقد دائم داخل شركة Waly Sport، وهي المؤسسة التي أنشأها عثمان دمبيلي لإدارة صورته التجارية وشؤونه الإعلامية.

خلال جلسة الاستماع، شدد المقرر العام للمحكمة على أن التوقيت والمبلغ لا يتوافقان مع هدية ميلاد «عادية»، لافتًا إلى أن التحويل تم في شهر نوفمبر، أي بعد أكثر من نصف عام من عيد ميلاد المعنية.

وأضاف ساخرًا: «ربما يكون هذا هدية عيد ميلاد متأخرة جدًا… أو هدية عيد ميلاد تحولت إلى هدية عيد ميلاد ميلاديّة!».

واعتبر أن كل المؤشرات تظهر أن التحويل أقرب إلى مكافأة مالية ضمن علاقة مهنية لا هدية عائلية بحتة، مؤكدًا أن الضريبة المفروضة قانونية تمامًا.

القضية التي أثارت اهتمام الصحافة الفرنسية تطرح سؤالًا أعمق حول الحد الفاصل بين “الكرم العائلي” والتهرب الضريبي، خاصة في الأوساط الرياضية التي تشهد أحيانًا تدفقات مالية غير معتادة بين أفراد العائلة وشركات اللاعبين، فالقانون الفرنسي يسمح بالهدايا غير الخاضعة للضريبة طالما كانت في حدود “المعقول” ومتناسبة مع دخل المانح، لكن في حالة عثمان دمبيلي، الذي كان آنذاك قد انتقل إلى برشلونة في صفقة بلغت 105 ملايين يورو، فإن معيار “المعقول” يصبح نسبيًا للغاية.

من جهة أخرى، أشار محامو الدفاع إلى أن تحويل 200 ألف يورو لا يشكل شيئًا يذكر بالنسبة لدخل لاعب من الطراز العالمي، وأنه لا يمكن مساواته بمكافأة أو راتب.

وأكدوا أن الأم لم تخف التحويل عن السلطات عمدًا، بل تم عبر حساب مصرفي أجنبي كان مفتوحًا لاحتياجات عائلية، وأنها لم تسعَ إلى التهرب من التزاماتها القانونية.

في المقابل، شددت النيابة المالية على أن الحساب الذي استخدم في التحويل لم يكن مصرحًا به في فرنسا، مما يشكل مخالفة واضحة لقانون الإفصاح المالي، وهو ما يبرر التحقيقات والتغريم.

وأشارت إلى أن مثل هذه الممارسات، حتى لو بدت بسيطة في ظاهرها، تمسّ مبدأ العدالة الضريبية الذي تسعى الحكومة الفرنسية إلى ترسيخه، خاصة في ظل التوتر الشعبي حول الامتيازات المالية التي يتمتع بها المشاهير.

ومن المقرر أن يصدر الحكم النهائي خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، وسط اهتمام إعلامي واسع. فالقضية لا تتعلق فقط بمبلغ 200 ألف يورو، بل بما تمثله من اختبار جديد للعلاقة المعقدة بين الشهرة، والمال، والالتزامات القانونية في فرنسا.

وبينما تترقب فاطيماتا دمبيلي القرار بقلق، يراقب الجمهور كيف سيتعامل القضاء مع واحدة من أكثر القضايا التي تلامس الحس الإنساني والعدالة المالية في آنٍ واحد، في بلدٍ لا يتسامح كثيرًا مع من يحاول تجاوز حدود القانون، حتى لو كان نجمًا يلمع في سماء كرة القدم العالمية.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

نكهة الوطن في قلب فرنسا : نورة الزكراوي تحوّل طبق الحلزون المغربي إلى مشروع يربط الجاليات العربية

في ضاحية بوندي القريبة من باريس، تفتح الشابة