التكنولوجيا في خدمة النظافة والأمن
المشروع، الذي أطلقته إدارة مطارات باريس (ADP) بالتعاون مع شركة ناشئة فرنسية متخصصة في الروبوتات الذكية، يهدف إلى مضاعفة مستوى النظافة داخل المطار ومواكبة المعايير البيئية الأوروبية. تعتمد الحاويات على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحديد مواقع النفايات عبر الكاميرات وأجهزة الاستشعار، فتتجه إليها تلقائياً، وتفتح غطاءها بطريقة آلية لدعوة المسافر إلى رمي بقاياه في داخلها.
إضافةً إلى ذلك، تحمل هذه الحاويات نظام تعقّب يتيح لموظفي المطار مراقبة مستويات الامتلاء في الوقت الفعلي، بما يقلّص الحاجة إلى الدوريات اليدوية ويُحسّن كفاءة إدارة النفايات.
ردود فعل متباينة بين الركاب
بعض المسافرين رحّبوا بالفكرة واعتبروها “تجربة حضارية تعكس صورة باريس المستقبلية”. إحدى المسافرات القادمة من طوكيو وصفت في تصريح ل”فرنسا بالعربي” المشهد قائلة: “أشعر أنني في فيلم خيال علمي، القمامة تلاحقني بدل أن أبحث عنها.”
لكن آخرين انتقدوا النظام الجديد، معتبرين أن “المطاردة” المستمرة تثير الانزعاج والارتباك. مواطن فرنسي مغادر إلى نيويورك قال ل”فرنسا بالعربي” : “كنت جالساً أتناول قهوتي وفجأة تقدّمت نحوي سلة نفايات متحركة وكأنها تفرض عليّ إلقاء الكوب. الأمر بدا هزلياً أكثر من كونه عملياً.”
هواجس أمنية
إلى جانب الجوانب العملية، طرحت المبادرة أسئلة تتعلّق بالأمن. فالحاويات المزوّدة بكاميرات وأجهزة استشعار متقدمة يمكنها جمع بيانات عن تحركات الركاب. ورغم تأكيد إدارة المطار أن النظام مخصص حصراً لأغراض النظافة والبيئة، يخشى بعض المراقبين من أن يتحوّل إلى أداة مراقبة إضافية في واحد من أكثر المطارات ازدحاماً في أوروبا.
بين الابتكار والإزعاج
يرى خبراء التكنولوجيا أن إدخال هذه الروبوتات يأتي ضمن موجة أوسع لتحويل المطارات إلى “مدن ذكية” حيث تُدار الخدمات بالنظم الآلية. غير أن التحدي الحقيقي يكمن في مدى تقبّل الركاب لهذه التكنولوجيا، خاصةً في فضاءات حساسة كالمطارات التي يتوقع فيها المسافرون الراحة والهدوء قبل رحلاتهم.
مستقبل التجربة
إدارة مطارات باريس أكدت أن التجربة لا تزال في مرحلة تجريبية، وأن نشر الحاويات الذكية بشكل واسع يعتمد على تقييم نتائج الأشهر المقبلة. فإذا أثبتت فعاليتها وقلّصت تكاليف إدارة النفايات، قد تصبح جزءاً دائماً من مشهد المطار، وربما تُصدَّر لاحقاً إلى مطارات أخرى في أوروبا والعالم