شهد مؤتمر حزب التجمع الوطني (أقصى اليمين) في مدينة بوردو جنوب فرنسا، أجواءً حماسية عكست تصاعد الغضب الشعبي تجاه الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته، حيث لم يتردد العديد من المشاركات في توجيه انتقادات لاذعة ومباشرة، وصلت إلى حد المطالبة العلنية باستقالة الرئيس وحلّ الجمعية الوطنية.
في تصريحات خاصة لقناة فرنسا بالعربي، قالت مايلي، وهي مساعدة موثّق من بوردو، إن فرنسا لم تعد قادرة على تحمل لعبة تغيير الوزراء كل بضعة أشهر دون أي إصلاح حقيقي. وأضافت: “طالما أن الجمعية الوطنية تبقى كما هي، فلن يحدث أي تغيير فعلي. سيتم حجب الثقة، ثم نغير الوزراء مجددًا، وهكذا دواليك. في النهاية، يجب أن نجد حلاً آخر غير استبدال الوزراء كل ستة أشهر. سيكون من الجيد حلّ الجمعية أولاً. أما استقالة ماكرون فهي أيضًا حل، لكنه أكد سابقًا أنه لن يفعل ذلك.”
أما كارين ليسكوراه، وهي من مناصرات الحزب، فقد اعتبرت أن رفض رئيس الوزراء الجديد سيباستيان لوكورنو النظر في مطالب التجمع الوطني يضع البلاد في حلقة مفرغة. وقالت: “نعود إلى نفس القصة القديمة. بالنسبة لي، ليس خيارًا استراتيجيًا جيدًا. أرى حلّين فقط: إما حلّ الجمعية الوطنية أو استقالة ماكرون.”
من جهتها، تحدثت سابين، وهي مديرة في وكالة للتوظيف المؤقت من بوردو، عن تحوّل موقفها السياسي من دعم حزب الجمهوريين (LR) إلى التعاطف مع التجمع الوطني. وأوضحت قائلة: “كنت سابقًا من مؤيدي الجمهوريين، لكن من الواضح أن قضايا الأمن والقدرة الشرائية التي تطرحها مارين لوبان تبدو أكثر واقعية وتطمينًا مما يقدمه الجمهوريون اليوم، فهم تائهون، بينما لديها برنامج واضح.”
الهتافات داخل القاعة وخارجها كانت صاخبة، حيث ردّد مئات المشاركين شعارات مثل: “ماكرون استقل” و*”مارين رئيسة”*. وهو ما يعكس التحول الكبير في خطاب القواعد الشعبية التي لم تعد تكتفي بانتقاد سياسات الحكومة، بل تدفع نحو تغيير جذري في المشهد السياسي الفرنسي.
تأتي هذه التطورات بينما يحاول رئيس الوزراء الجديد سيباستيان لوكورنو رسم ملامح ميزانية 2026 وسط برلمان منقسم بشدة، ومعارضة شرسة يقودها حزب التجمع الوطني. وبينما يرفض ماكرون بشكل قاطع فكرة حلّ البرلمان، يواصل أنصار لوبان التصعيد والمطالبة بالعودة إلى صناديق الاقتراع، معتبرين أن الاستقرار لن يتحقق إلا عبر تغيير المسار السياسي برمته.
في بوردو، بدا واضحًا أن الغضب الشعبي يتجاوز مجرد الاعتراض على الموازنة أو تشكيل الحكومة، ليصل إلى أزمة ثقة شاملة في النظام السياسي. ومع تصاعد الضغوط من المعارضة والشارع، يبقى السؤال: هل يستطيع ماكرون الصمود أمام موجة اليمين المتطرف، أم أن فرنسا مقبلة على انتخابات مبكرة ستعيد رسم موازين القوى بالكامل؟