بفارق صوت واحد…البرلمان الفرنسي يهزّ العلاقات مع الجزائر

بفارق صوت واحد…البرلمان الفرنسي يهزّ العلاقات مع الجزائر

- ‎فيالقوانين و الهجرة
54
0
@فرنسا بالعربي
مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف تعبر عن فرحتها بنتيجة التصويت في البرلمان بفارق صوت واحد و كان لرئيس الجلسة المنتمي لحزبهامارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف تعبر عن فرحتها بنتيجة التصويت في البرلمان بفارق صوت واحد و كان لرئيس الجلسة المنتمي لحزبها

هزّ أروقة السياسة الفرنسية  زلزالٌ برلماني من العيار الثقيل: فقد نجح حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان في تمرير قرار رمزي يطالب بإلغاء الاتفاق الفرنسي الجزائري لعام 1968، الذي ينظّم إقامة وتنقل وعمل الجزائريين في فرنسا ، وذلك بفارق صوت واحد فقط (185 مقابل 184).

هذا التصويت التاريخي فجّر انقسامًا حادًا في صفوف اليمين الفرنسي، وترك الأغلبية الحكومية في حالة صدمة، فيما اعتبرته مارين لوبان “نصرًا تاريخيًا” لحزبها، ودعت الحكومة إلى “احترام إرادة الأمة”.

الاتفاق المثير للجدل، الذي يعود إلى ما بعد حرب الجزائر، يمنح الجزائريين تسهيلات استثنائية في الإقامة والتجمع العائلي، ما جعلهم على مدى عقود الفئة الأجنبية الأكبر عددًا في فرنسا. وقد حاول اليمين المتشدد مرارًا المطالبة بإلغائه، لكنّ تصويت الخميس مثّل أول انتصار سياسي فعلي في هذا الاتجاه منذ توقيعه قبل أكثر من نصف قرن.


يمين منقسم… ويسار غاضب

اليسار الفرنسي صبّ جام غضبه على التصويت، واعتبره “سقطة أخلاقية” و”تحالفًا ملوثًا بالكراهية”. النائبة اليسارية دانييل أوبونو اتهمت اليمين المعتدل بأنه “انزلق إلى نفس الهوس العنصري والمعادي للأجانب الذي يغذي التطرف”، بينما وصف الاشتراكي لوران لاردِي ما جرى بأنه “لحظة عار في تاريخ الجمهورية”.

في المقابل، دافع زعيم الجمهوريين لوران فوكييه عن تصويته إلى جانب اليمين المتطرف قائلاً:

“عندما يحمل التجمع الوطني أفكارًا تخدم مصلحة فرنسا، لا سبب لرفضها.”

أما رئيس الوزراء سِباستيان لوكورنو، فقد حاول تهدئة العاصفة بتصريح متوازن من مدينة كارانتا، مؤكدًا أن الاتفاق “ينتمي إلى زمن آخر” ويستحق “إعادة تفاوض”، لكنه شدّد في الوقت ذاته على أن السياسة الخارجية ليست من اختصاص البرلمان، بل من صلاحيات الرئيس.


اتفاق عمره نصف قرن… وصداع دبلوماسي متجدد

تم توقيع اتفاق 27 ديسمبر 1968 بين باريس والجزائر بعد ست سنوات من انتهاء حرب الاستقلال، في وقت كانت فيه فرنسا بحاجة إلى اليد العاملة الجزائرية لإعادة بناء اقتصادها.
بموجبه، يُمنح الجزائريون “شهادات إقامة” خاصة بدل بطاقات الإقامة العادية، مع تسهيلات كبيرة في الحصول على الإقامة طويلة الأجل ولمّ شمل العائلات.

لكنّ منتقدي الاتفاق يعتبرونه تمييزًا غير مبرر عن بقية الجنسيات، ومصدرًا لاختلالات مالية وإدارية، بينما يرى آخرون أنه رمز تاريخي للعلاقات الفرنسية-الجزائرية لا ينبغي المساس به.

اليوم، ومع توتر العلاقات بين باريس والجزائر منذ أكثر من عام — بسبب ملفات الهجرة، ورفض الجزائر استقبال المرحّلين، والموقف الفرنسي الداعم للمغرب في قضية الصحراء الغربية — يبدو أن هذا التصويت سيزيد الوضع اشتعالًا دبلوماسيًا بين العاصمتين.


مارين لوبان تحتفل… والماكرونية في مأزق

في مؤتمر صحافي ناري، وصفت لوبان التصويت بأنه “لحظة مفصلية في استعادة السيادة الوطنية”، مضيفة:

“الكرة الآن في ملعب الحكومة. على الرئيس أن يسمع صوت الشعب الفرنسي.”

أما حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، فوجد نفسه في وضع دفاعي محرج، بعدما كشف التصويت هشاشة التحالفات داخل البرلمان وانقسام اليمين إلى شظايا.

وبينما يتحدث البعض عن “زلزال سياسي”، يحذر آخرون من تداعيات خطيرة على الجالية الجزائرية في فرنسا، التي يزيد عددها عن 650 ألف شخص.


في الأفق… مواجهة مفتوحة بين باريس والجزائر

إلغاء الاتفاق بشكل أحادي ما زال قانونيًا ممكنًا، لكنه سيكون مغامرة دبلوماسية محفوفة بالمخاطر. فبين خيار الإلغاء، وإمكانية التفاوض، واحتمال بقاء الوضع على ما هو عليه، تبقى باريس أمام معضلة سياسية وإنسانية معقدة.

وفي انتظار قرار الإليزيه، يبقى صوت البرلمان الفرنسي الذي دوّى في 30 أكتوبر جرس إنذارٍ مدوٍّ عن صعود اليمين المتطرف، وتآكل توازنات الجمهورية الخامسة.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

نكهة الوطن في قلب فرنسا : نورة الزكراوي تحوّل طبق الحلزون المغربي إلى مشروع يربط الجاليات العربية

في ضاحية بوندي القريبة من باريس، تفتح الشابة