برج إيفل..رمز فرنسا التاريخي و السياحي مهدد بالانهيار

برج إيفل..رمز فرنسا التاريخي و السياحي مهدد بالانهيار

- ‎فيرأي في حدث
264
0
@فرنسا بالعربي
محمد واموسيمحمد واموسي

تحت السماء الباريسية، يقف برج إيفل شامخًا كرمز لا يمكن إنكاره للمدينة وللعاصمة الفرنسية، معلم جذب ملايين السياح سنويًا، وأيقونة هندسية أبهرت العالم منذ القرن التاسع عشر.

لكنه اليوم، وفق تقرير حديث صادر عن الغرفة الإقليمية للحسابات في باريس، يقف أمام تحدٍ من نوع آخر: أزمة مالية غير مسبوقة تهدد استمرارية شركته المشرفة على إدارة البرج.

التقرير كشف أن شركة إدارة برج إيفل (سيت)، المملوكة بنسبة 99٪ لبلدية باريس، تواجه احتمال عجز مالي يزيد عن 30 مليون يورو بحلول عام 2031.

هذه الأرقام، رغم تحسن نسبي في الإيرادات بعد رفع أسعار التذاكر، لم تشفع للشركة في مواجهة التحديات البنيوية المتراكمة منذ سنوات.

بين 2020 و2024، تكبدت الشركة خسائر مذهلة بلغت 305 ملايين يورو، نتيجة تراجع الإيرادات جراء جائحة كوفيد-19، وارتفاع تكاليف الصيانة والمشاريع التي تهدف إلى تحديث البرج وضمان سلامة الزوار.

رفع أسعار التذاكر في 2023 لم يكن سوى رقعة مؤقتة على جرح عميق؛ فقد زادت الإيرادات الإجمالية بمقدار 139 مليون يورو، لكنها لم تكن كافية لتغطية الالتزامات المالية المتزايدة، خصوصًا مع زيادة نصيب بلدية باريس من العوائد بنحو 46 مليون يورو.

الأزمة المالية لبرج إيفل لا تتعلق فقط بالأرقام، بل تشمل هيكل النفقات الداخلية الذي وصفه التقرير بأنه “غير مستدام”.

الموظفون يحصلون على رواتب ومزايا تفوق القطاع الخاص بنسبة تقارب 45٪، إذ بلغ متوسط راتب العامل الواحد أكثر من 70 ألف يورو سنويًا، مقابل 48 ألف يورو في القطاع الخاص.

كما يشمل النظام المكافآت في العطل الرسمية، التي تصل أحيانًا إلى ثلاثة أضعاف الأجر، ما يضاعف العبء المالي على الشركة ويزيد المخاطر على استدامتها.

من الواضح أن هذه الامتيازات، التي تبرَّر بالحفاظ على “الروح السياحية والخدمة الراقية”، تشكل تهديدًا طويل الأمد للتوازن المالي للمؤسسة.

استمرار هذه السياسة في ظل تراجع العوائد سيقود إلى عجز متفاقم، ويضعف القدرة الاستثمارية للبرج، وربما يضع بلدية باريس أمام خيار صعب: ضخ أموال عامة لإنقاذ أحد أهم رموز البلاد.

برج إيفل، الذي ولد من عبقرية هندسية ليكون “معجزة الحديد”، يواجه اليوم تحديًا من نوع آخر، يواجه معجزة مالية لإنقاذه من أزمة صنعها سوء الإدارة وتراكم الامتيازات، فيما يبدو أن قرارات غير شعبية، وربما إصلاحات جذرية، باتت ضرورة للحفاظ على بريق هذا الصرح التاريخي في القرن الحادي والعشرين.

إذا لم تتحرك الإدارة وبلدية باريس بسرعة وحزم، فقد نجد أن رمز فرنسا الأبدي، الذي صمد أمام الحروب والثورات والأزمات الاقتصادية، يهدد الآن بفقدان جزء من سحره الأسطوري بسبب أزمة مالية وإدارية من صنع الإنسان.

 محمد واموسي

اطلع على مقالات الكاتب السابقة

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

نكهة الوطن في قلب فرنسا : نورة الزكراوي تحوّل طبق الحلزون المغربي إلى مشروع يربط الجاليات العربية

في ضاحية بوندي القريبة من باريس، تفتح الشابة