الهجرة على طاولة الصراع..ريتايو يفرض شروطه على رئيس الوزراء الجديد

الهجرة على طاولة الصراع..ريتايو يفرض شروطه على رئيس الوزراء الجديد

- ‎فيالقوانين و الهجرة
99
0
@فرنسا بالعربي
معركة الهجرة تشعل باريس: ريتايو يضغط على لوكورنو ويرسم خطوطاً حمراء أمام الاشتراكيينمعركة الهجرة تشعل باريس: ريتايو يضغط على لوكورنو ويرسم خطوطاً حمراء أمام الاشتراكيين

تشهد الساحة السياسية الفرنسية توتراً متصاعداً مع بداية ولاية رئيس الوزراء الجديد سيباستيان لوكورنو، حيث وجد نفسه سريعاً في قلب معركة شرسة بين الحكومة من جهة، والمعارضة اليمينية بزعامة برونو ريتايو من جهة أخرى. الملف الأكثر حساسية الذي يتصدر هذه المواجهة هو الهجرة، إلى جانب قضايا الأمن والضرائب، وهي مواضيع تستقطب الرأي العام الفرنسي وتؤثر بعمق على المشهد السياسي.

اليمين يرفض لعب دور “الديكور”

برونو ريتايو، رئيس حزب “الجمهوريون”، وجّه رسائل حادة إلى لوكورنو، مؤكداً أن اليمين لن يقبل بأن يكون مجرد “شريك صوري” في لعبة التوازنات السياسية التي يسعى رئيس الوزراء إلى ترسيخها. فبينما يحاول لوكورنو التوصل إلى اتفاق عدم رقابة مع الحزب الاشتراكي (PS) لتأمين تمرير الميزانية في البرلمان، يرفع الجمهوريون سقف مطالبهم، وفي مقدمتها:

  • تبنّي سياسة صارمة تجاه الهجرة غير النظامية.

  • إطلاق قانون جديد لتعزيز الأمن الداخلي.

  • رفض ما يُعرف بـ”ضريبة زوكمان” على الثروات الكبيرة.

أحد وزراء الجمهوريين لم يُخفِ استياءه من مجريات التفاوض، قائلاً: “لن نقبل بأن يُعطى الحزب الاشتراكي، الذي بالكاد حصل على 2% في الانتخابات الرئاسية، أكثر مما نحصل عليه نحن”.

لوكورنو بين المطرقة والسندان

بالنسبة لرئيس الوزراء الجديد، تشكل هذه التجاذبات اختباراً مبكراً. فبعد تعيينه في قصر ماتينيون، وجّهت إليه الأنظار بانتظار أن يحدد توجهات حكومته، لا سيما في ظل أزمة مالية خانقة أعقبت خفض وكالة “فيتش” التصنيف الائتماني لفرنسا. لكن لوكورنو يدرك أن أي خطوة غير محسوبة في ملف الهجرة قد تُشعل غضب الشارع أو تدفع اليمين إلى الانسحاب من أي تفاهمات معه.

الهجرة تُعد اليوم إحدى أبرز القضايا الجدلية في فرنسا، حيث تتقاطع فيها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. الضغوط على الحكومة تأتي في وقت تتزايد فيه المطالب بترحيل من صدرت بحقهم أوامر بمغادرة الأراضي الفرنسية، وتشديد الرقابة على الحدود، وسط قلق متنامٍ من تأثيرات تدفق المهاجرين على سوق العمل والخدمات العامة.

موقف الجمهوريين: المشاركة المشروطة

ريتايو لم يغلق الباب أمام الحوار، بل أكد استعداد حزبه للتفاوض، لكنه شدد على وجود “خطوط حمراء”. وقال في مقابلة مع صحيفة لو جورنال دو ديمانش: “لا يمكن أن نشارك في حكومة يُطلب منا فيها التخلي عن قناعاتنا. سيكون ذلك انتحاراً سياسياً”.

ويرى مراقبون أن خطاب ريتايو هو جزء من ضغط تفاوضي محسوب، حيث يسعى إلى ضمان مكاسب ملموسة لليمين داخل أي معادلة حكومية، سواء عبر تبني إجراءات صارمة ضد الهجرة غير النظامية أو عبر وضع بصماته على قوانين الأمن والضرائب.

معضلة لوكورنو: التوازن بين الاشتراكيين واليمين

التحدي الأكبر أمام لوكورنو يتمثل في كيفية الموازنة بين متطلبات اليمين وشروط الحزب الاشتراكي، الذي يُعد الطرف الأكثر استعداداً لمنحه “شبكة أمان برلمانية” في مواجهة محاولات حجب الثقة. غير أن إرضاء الطرفين في آن واحد يبدو مهمة شبه مستحيلة، خاصة وأن كلاً منهما يضع ملف الهجرة في صلب خطابه السياسي، لكن من منظورين متناقضين تماماً:

  • الاشتراكيون يدعون إلى مقاربة “إنسانية” تراعي حقوق المهاجرين والالتزامات الدولية لفرنسا.

  • الجمهوريون يطالبون بتشديد القوانين، وزيادة فترات الاحتجاز الإداري، وتفعيل قرارات الترحيل بشكل أسرع وأكثر فعالية.

مستقبل غامض

بين الضغوط الداخلية والأزمات الخارجية، يبدو أن حكومة لوكورنو تدخل مرحلة مليئة بالعقبات. فالهجرة ليست مجرد ملف اجتماعي، بل ورقة سياسية بامتياز تحدد موازين القوى بين اليمين واليسار، وقد تكون عاملاً حاسماً في استقرار الحكومة أو سقوطها.

وبينما يترقب الشارع الفرنسي نتائج هذه المفاوضات، يتساءل المراقبون: هل سيتمكن لوكورنو من الحفاظ على توازنه وسط عاصفة سياسية تزداد عنفاً، أم أن صراع الهجرة سيطيح بأحلام حكومته قبل أن تبدأ فعلياً؟

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

⚡ العثور على سفير جنوب إفريقيا في فرنسا ميتًا أسفل فندق باريسي في ظروف مأساوية

عُثر صباح الثلاثاء على جثة نكوسيناثي إيمانويل مثيثوا،