حسمت محكمة النقض الفرنسية، أعلى هيئة قضائية في البلاد، الجدل حول القضية التي لاحقت السياسي المثير للجدل إريك زمور منذ سنوات، مؤكدة بشكل نهائي حكم إدانته الصادر عام 2024. القرار، الصادر الثلاثاء 16 سبتمبر 2025، يضع نقطة النهاية لمحاولات زمور التملص من العقوبة المرتبطة بتصريحاته العنصرية التي أطلقها عام 2019.
🔴 خطاب الكراهية في قلب باريس
القضية تعود إلى 28 سبتمبر 2019، خلال ما سُمي بـ”اتفاقية اليمين” التي احتضنتها باريس. في خطابه، هاجم زمور المهاجرين واصفًا إياهم بـ”المستعمرين”، وزعم أن فرنسا تواجه “أسلمة الشوارع”، بل ذهب أبعد من ذلك حين اعتبر الحجاب والجلباب “زيًا لجيش احتلال”. تصريحات صادمة أثارت حينها غضبًا عارمًا ودفعت جمعيات حقوقية، بينها SOS Racisme، إلى رفع دعاوى قضائية بحقه.
⚖️ مسار قضائي طويل
زمور أُدين للمرة الأولى في سبتمبر 2020 قبل أن يحصل على حكم بالبراءة من محكمة الاستئناف. لكن محكمة النقض نقضت ذلك الحكم عام 2023، ليعود الملف إلى محكمة الاستئناف التي قضت في فبراير 2024 بتغريم زمور 15 ألف يورو، إضافة إلى دفع ألف يورو كتعويض رمزي للجمعيات المدنية ومنها SOS Racisme. واليوم، أغلقت محكمة النقض الباب أمام أي استئناف جديد، لتصبح الإدانة نهائية.
🗣️ ارتياح واسع بين مناهضي العنصرية
جمعية SOS Racisme رحّبت بالحكم مؤكدة أنه يوجه رسالة حاسمة: “الجمهورية الفرنسية لا تقبل أن تكون الكراهية أساسًا لمجتمعها”، وفق ما جاء على لسان رئيسها دومينيك سوبو. وأضاف: “المعركة ضد العنصرية لا تنحصر في ساحات المحاكم فقط، بل هي نضال يومي يتطلب تغيير العقول وبناء موازين قوة في المجتمع”.
⚡ إدانة سياسية وأخلاقية
هذا الحكم، وإن كان ماليًا بالدرجة الأولى، يحمل دلالات سياسية وأخلاقية أوسع. فزمور، الذي يترأس حزب “الاسترداد” (Reconquête)، لطالما بنى خطابه على استهداف المهاجرين والمسلمين. واليوم، يجد نفسه مدانًا بشكل رسمي بتهمة التحريض على الكراهية والعنصرية، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من صعود الخطاب اليميني المتطرف في فرنسا وأوروبا.
بهذا الحكم النهائي، تكون العدالة الفرنسية قد وجهت صفعة قوية لإريك زمور، مؤكدة أن حرية التعبير لا تعني شرعنة خطاب العنصرية والتحريض على الكراهية. إنه قرار يكرس قيم الجمهورية ويعيد التأكيد على أن المساواة والكرامة الإنسانية خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها