ماكرون إلى مصر : مهمة سلام حول غزة أم هروب من أزمة الحكم في باريس ؟ ⚡

ماكرون إلى مصر : مهمة سلام حول غزة أم هروب من أزمة الحكم في باريس ؟ ⚡

- ‎فيشؤون دولية
247
0
@فرنسا بالعربي
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرونالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

في خضم واحدة من أعقد الأزمات السياسية التي تعصف بفرنسا منذ توليه الحكم، يستعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمغادرة باريس متوجهًا إلى مصر صباح الإثنين، في زيارة تحمل طابعًا دبلوماسيًا بالغ الحساسية، وسط تساؤلات داخلية حول أولوياته في لحظة توصف بأنها “حافة الانفجار السياسي”.

الزيارة التي سيقوم بها ماكرون إلى شرم الشيخ تأتي، بحسب بيان الإليزيه، في إطار “دعم تنفيذ الاتفاق بين إسرائيل وحماس، والمساهمة في خلق الظروف الملائمة للسلام والتعايش الإقليمي”، في إشارة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وبدعم من قطر ومصر وتركيا.

ويُعد هذا الاتفاق أول خطوة نحو خطة أوسع للسلام في الشرق الأوسط، تهدف إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وضمان استئناف المساعدات الإنسانية الكاملة إلى غزة.


🔹 ماكرون بين الأزمة الداخلية والمبادرة الخارجية

تأتي هذه الزيارة في وقت حرج للرئيس الفرنسي، الذي يواجه أزمة حكومية خانقة بعد استقالات متتالية في صفوف حكومته وصعوبات حادة في تمرير مشروع ميزانية عام 2026 داخل برلمان منقسم.
وبينما يحاول ماكرون ترميم بيته السياسي من الداخل، يختار التوجه شرقًا، في مغامرة دبلوماسية قد تمنحه متنفسًا خارجيًا مؤقتًا، لكنها تثير تساؤلات حادة في الداخل الفرنسي.

هل يهرب الرئيس من مأزقه السياسي الداخلي نحو مسرح الشرق الأوسط المشتعل؟
أم أنه يحاول تثبيت صورة فرنسا كقوة سلام عالمية رغم العواصف الداخلية؟


🔹 القاهرة وشرم الشيخ… مسرح جديد لدبلوماسية ماكرون

بحسب الإليزيه، سيشارك الرئيس الفرنسي في لقاءات رفيعة المستوى في شرم الشيخ، حيث سيؤكد “الدعم الفرنسي الكامل لتنفيذ الاتفاق الذي يمثل المرحلة الأولى من خطة السلام”، وهي مبادرة تمت صياغتها خلال اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر الماضي، ضمن ما يُعرف بـ المبادرة الفرنسية-السعودية.

وتهدف هذه الخطة إلى إعادة إطلاق مسار السلام على أساس حلّ الدولتين، وإرساء ترتيبات أمنية دائمة تضمن التعايش والاستقرار في المنطقة.
ومن المتوقع أن يلتقي ماكرون خلال الزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومسؤولين قطريين وأتراك، إضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.


🔹 اتفاق هش على أرض ملتهبة

تزامنًا مع الزيارة، يفترض أن يشهد يوم الإثنين موعدًا حاسمًا في تنفيذ الاتفاق بين إسرائيل وحماس، إذ من المنتظر أن يتم تسليم 48 رهينة أو جثث رهائن لا تزال داخل قطاع غزة، مقابل إفراج إسرائيل عن 250 معتقلًا فلسطينيًا محكومين في قضايا أمنية، إضافة إلى إطلاق سراح نحو 1,700 معتقل آخرين أوقِفوا منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.

الاتفاق، الذي يُنظر إليه في باريس باعتباره “نافذة صغيرة وسط الجحيم”، قد يشكّل اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الأطراف الإقليمية على فرض تهدئة دائمة.
لكن نجاحه يبقى مشروطًا بمدى التزام إسرائيل والفصائل الفلسطينية بتطبيق البنود المتفق عليها، وسط مخاوف من انهيار سريع لأي وقفٍ لإطلاق النار.


🔹 ازدحام أجندة الإليزيه: بين القاهرة ومجلس الوزراء

من المفارقات أن موعد الزيارة يتزامن مع الحد الأقصى لتقديم مشروع ميزانية 2026 في مجلس الوزراء الفرنسي، ما يضع قصر الإليزيه أمام معادلة صعبة:
إما عقد المجلس صباح الإثنين قبل مغادرة الرئيس، أو تقديمه يوم الأحد في حال تم الإعلان رسميًا عن تشكيل الحكومة الجديدة خلال الساعات المقبلة.

وفق الدستور الفرنسي، يكفي أن يُعيَّن وزير الاقتصاد رسميًا لعرض مشروع الميزانية على المجلس، وهو ما يفتح الباب أمام ماكرون لاستخدام مرونة قانونية للخروج من المأزق الدستوري.


🔹 بين رهانات السلام وحسابات السياسة

زيارة ماكرون إلى مصر ليست مجرد تحرك دبلوماسي، بل رهان سياسي شخصي على قدرته في لعب دور الوسيط بين أطراف متنازعة، في وقت لم يعد يملك فيه ترف الفشل.
ففي الداخل، تتصاعد الانتقادات من المعارضة التي تتهمه بالهروب إلى الخارج بدل مواجهة الأزمة السياسية التي تضرب حكومته.
وفي الخارج، تتطلع الأنظار إلى مدى قدرة باريس على التأثير في توازنات معقدة تتشابك فيها المصالح الأمريكية والتركية والعربية.

لكن ماكرون يدرك أن نجاحه في هذه المهمة، ولو جزئيًا، قد يعيد له بريق القيادة الدولية الذي خفت خلال الأشهر الأخيرة.
وإن فشل، فسيكون قد أضاف حلقة جديدة إلى سلسلة إخفاقات جعلت الفرنسيين يشعرون بالإرهاق السياسي من رئيسهم.


🔹 الشرق الأوسط… بوابة ماكرون نحو “الهدوء السياسي”؟

بين أزمة حكومة واحتقان داخلي، وبين حربٍ لا تهدأ في غزة، يختار ماكرون أن يكون في قلب الحدث.
زيارة مصر قد لا تغيّر المعادلات الكبرى في المنطقة، لكنها تعبّر عن طموح فرنسي لا يخبو في لعب دور صانع السلام — حتى وإن كان السلام مؤقتًا، أو سياسيًا بالأساس.

وفي النهاية، تبقى الأسئلة مفتوحة:
هل سينجح ماكرون في تحويل رحلته إلى مصر إلى اختراق دبلوماسي يعوّض فشله في الداخل؟
أم سيُسجّل التاريخ أن رئيس فرنسا ذهب يبحث عن السلام في الشرق الأوسط… بينما كانت بلاده تبحث عن استقرارها السياسي المفقود؟

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

أشرف حكيمي بعد الإصابة : “السقوط جزء من الطريق…النهوض يصنع الفارق”

كان أول رد فعل للنجم المغربي أشرف حكيمي